Saturday 20 October 2012

أفطرةٌ الحُسين ؟




يومٌ يعقبهُ أخر وَ الأسئلةُ يصيرُ 
لها أقداماً تركض في رأســي
 .. أ أؤمن حقاً بما ورّثتـــــهُُ لي
بيئتــي .. ؟ أهلي .. ؟ أو حتى
أجدادي ؟



أ أحبٌ فعلاً الحسينِ بن علي (ع) ؟
 ولماذا أحبهُ ؟ لماذا هو متفاضلاً على
الإثني عشر غيره ؟ لِمَ قلتُ تفاضلاً
ولِم يخطر لي مثلاً أن أقول أن صدى
ثورتهُ نخرت في رأسي ؟ 



رغم أنهم جميعهم ظلموا ، أسروا
وواجهوا جبهةَ عداءٍٍ كلٍ في زمانهِ
وعصره ! لماذا كفةُ الميزان ترجحُ
لهُ ؟ لماذا هذهِ الفئةٌ دونما غيرهـا 
ممن مضو ؟ 



أي إنسانٍ أبحثُ في هذا الرجل ؟
وأي رجلٍ أبحثُ في هذا الإنسان ؟
أثمةَ نقص فييَّ يكملهُ الحسين ؟ 
أو أنهُ نداء كباقي نداءات الفطرة ،
يبحثُ عن أجوبةً تختلفُ تماماً عما
أسمعهُ دائماً ويرتلُ عن مسامعـي
بالرنين نفسهُ وذاتُ الكلماتِ تقرع 



مــاذا فيه أبحث ؟ وَ ماذا سأجد ؟ أ أجدُ
ما كـنتُ ألوذُ به فراراً عن ظلم البشر عن
! تميزهم ، نفاقهم ، تقسُّمهم وَ تقسيمهم



ربما المعادلةٌ أصعبُ من حروفٍ متناغمة
ونثرُ متكاملُ الجمال !! ربما العظماء قبل
وبعد الحسينِ كُثر إنما الحسينُ تجلت فيه
أشياء تفوق العظمة ، وَ إن انحصــــــرت
العظمة بالله عز وجل.



 لكن كأنما جُمعت فيه صفات أو تكاملت
فيه أفعال استحال تجمعها في بشرِ واحد.
كيف أجيب عن رجلٍ كلما ادعيتُ احصاء
مناقبهِ فشلت ، و إذا رجعتُ لخصالهِ من
أدبِ التعامُلِ  لسوء تدبيري منه خجِلت !!



الحسينُ بن علي هو المبدأُ الذي لا يحيدُ عن حدِ السيفِ شعرة ، الرجلُ الذي مات لمبدأ ومن في هذا
الزمـــان يستقرُ لمبدأ ويقاتلِ طويلاً دون أن تشتريهِ الدُنيا ، أو يبسطُ فيهِ الظلمُ سجاداً ويستقــرُ فيهِ
الإحباط فيعودُ أدراجهُ متنازلاً عن قضيتهِ معلناً يأسهُ رافعاً راياتِ الإستسلام 


الحسينُ قضيةٌ سَجلت فيها كل الأطيافِ والأديانِ والأعراقِ انتصار ، من مثلهِ حمّل الإنتصار لكلِ نفسٍ
شاركة بغض النظرِ عن الأهواء و التقاسيمات البشرية. من مثلهِ يركزُ على جوهرِ القضية ويدعو الجميع
للفصلِ في الأحقية؟ إذا كان من يقودُ زماننا هذا يتاجرُ في القضايا الإنسانية وَ يجعلها في كلِ صرخةٍ
يطلقها ورقةً رابحة لفصلِ حربٍ آخرى، ويقودُ القطعانَ بأهوائهم بعاطفتـــهم تجاه ما ينتمــــــون إليه أو
.يعتقدونه. فالحُسينُ جعل على رأسِ الحقِ قضية للكلِ حقٌ في خوضِها والإنطلاقُ من خلالِها



الشريعةُ حين وهبت للمرأةِ حقاً كان مطبقهُ الحسين كرجل وليس كنفسٍ ذكورية. شاركت في هــذهِ
الواقعة " الطف " نساء من بنات الإمام علي (ع) و بنات الحسين و لأتدارك العنصرية فقد شاركت
أخريات ونِلن الشهادة. الغريب أنه كان ذكياً في توزيع الأدوار وإن كنت أظن أنها دُعمت برسـالاتِ
إلهية لمقتضى الهدف الحقيقي لحادثة كربلاء.



فالترتيب الدقيق في توزيع المهــــــام يفوق أي إعـداد عسكري على الرغم من العدد القليل الذي شارك بهِ.
والحسين ذاته في لقطاتٍ عديدة يظهر فيه الرجل الغيور على حرمهِ وحرم من هم أمانة في عنقه. ربما لو
قارنا ذلك في قادة و قيادات هذا الزمن لرأينا التضحيات بشعوب كاملة و بأنفس الملايين قبل التضحية
بالنفس القائدة



الحُسين بالغيرةِ رجل وفي زمانِنا قلّ الرجال ، قلباً نابعاً بالحنانِ على ضعفِ المرأةِ التي خلقها الله
على الهيئة التي تقتضي لها حكمته. أبٌّ وفي الأبوةِ رجلٌ ينكسرُ فؤادهُ على فلذاتهِ ، أخٌ والأخُ عمودُ
تسندُ عليه دمعةُ الأختِ إذا ما أمطر الكبرياء أدمُعاً.وعدٌ و الوعدُ أمانةُ حرٍ إذا يتفوهُ بها الموتُ لهُ إن لم
يفي بها ، صادق بالوعدِ إذا يقطعهُ على نفسهِ ولِسانهِ قبل أن ينطق به فؤاده وجوارحه.



إني وإن سطرتُ مدائحاً في ذكرهِ أراني مقصرة. ليس لإيماني بهِ بل لأني لم أصادف رجلاً إلـي
يومي هذا يقفُ الحقُ غصة في حلقهِ أو تبكي السماء لظلمٍ واقعٍ في الأرض ، فيكونُ هو مع الدين
على الأهواء، ولم أرى شخصاً ينتصرُ للحق على الباطل دون أن يكون هدفهُ من ذلك مادياً صرفاً
لم ألتقي شخص يقصدُ ما ينادي به ، متعايشاً مع الإختلافِ دون أذى دعواهُ للبشر عقلُ ورشد.




السلامُ عليكَ يا صاحب الدماء الزكية
اللهُم صلِّ علـى محمدٍ وآل محمد 



4 comments:

  1. السلام عليكم...
    سبحان يبقى الحسين وارث الانبياء.القريب البعيد عصيا عن الفهم والادراك- إلا من عصم رب -فالكل يرى لمحة ويدرك صورة ويغيب عنه الكثير الكثير كفى بمقولة الصادق من زار الحسين عارفا بحقه كمن زار الله في عرشة ....يبقى الحسين فريدا متفردا في المعنى وفي الوجود.
    .................................................ما شاء الله اين كان قلمك مخبأ كل هذه الفترة...؟!! موفقين وبنتظار جديد مفاجئ

    ReplyDelete
  2. كلامك أكثر من رائعة ومؤثر جدا رحم الله شهداء الأمة الكرام الأبرار وكل عام وأنت بخير

    ReplyDelete
  3. سلام عليكم...
    عيد اضحى مبارك عليك وعلى الاسلامية جمعاء...كل عام وانتم بخير

    ReplyDelete
    Replies
    1. وإنت بخير وصحة وسلامة أخي علي ،، ينعاد عليك بالخير يارب

      Delete

صراع أزلي [1]

نزعة الإنسان المادي للوصول إلى [هدفه] تجعله أداة في يد كل ما هو خارق للطبيعة البشرية. فما هو معروف عنه أنه كائن خيّر ب...