Monday 29 July 2013

جماهيريةٌ بغرضِ كذبة بحثية










الثورة الإنترنتيّة ووسائل التواصل الإجتماعي خَلقت نوع من أنواع المعرفة السطحية ، والتي بالضرورة لا تخدم صاحبها أو تشبع جانب الشك والبحث لديه ، سواءً للتعلم من أجل العلم أو لكسب المعرفة لدحض الشكوك. صار الدأب على القراءة أو الأقتباس وحتى النقل للتقيؤ المعلوماتي فقط. ولنقُل أن الهدف في الفترة الأخيرة هو كسب أذهان المتتبعين وجذب أكبر قاعدة بشرية جماهيرية مستعدة لتلقي أي معلومة أو نص من غير التأكد من صحتها لكونها مذيلة بأسم صاحبها أو حاجتها فعلا لمثل هذا النوع المعلوماتي في حياتها.


الإنسان قديما حينما تثار غرائز الفضول لدية كان يبحث ، يجرب ، يطرح التساؤلات وينقب عن إجابة بشتى الطرق المتاحة. العلم أكبر من مجرد بحث ، سؤال أو جواب وأعمق من كون الإنسان يملك عقلاً لا يهدأ حتى يصل إلى ما يقنعه. العلم هبة إلهية يستطيع من خللها أن يستخلص ما يعجز العقل أحيانا عن الإجابة عنه أو تفسيره. فقد تجد الكثيرين ممن يضيع جهده دون أن يصل إلى هدفه. والغالبية العظمى تصنع من وسائل التواصل الإجتماعي ساحة بحثية لكل الشكوك التي لا تستطيع الإجابة عنها في الواقع، متناسية أن العلم نوع من الرهبنة والإعتكاف و البحث الدءوب دون كللٍ أو ملل لإجل أرضاء الذات أولا واستزادة العقل بوجه عام.


السؤال و الجواب صار وسيلة استعراضية دون نتائج ملموسة دون أرضية ثابتة ، وكأنما مثلاً مهنة الطب لا تحتاج  لممارستها إلى رخصة طبية ! أصبح طالب العلم  ( إن صح تسميته بذلك ) ممثلٌ لعالمٍ وهمي "الإنترنت" يستعرضُ مواهبهُ البحثية والعلمية من أجلِ وسيلةٍ وقتية لا أكثر. وصار اللغو في كل مجال من مجالات الحياة عرضة للقاصي والداني لطرحهِ وتداوله وابداء الرأي فيه دون خلفية كافيه عنه.


ولا يخلو الأمر أيضاً عن ثلة تبحث لتُقصي الآخر وتضعهُ في زاوية الخطأ ، غير مدركة أن الاختلاف إنما وجد لتناغم الكون وتمازجه. متناسية أن الأخبار والحواث والتاريخ والعلوم إنما تنقل وبها شيء من القصور في النقل عبر العصور. رغم تطور كل شيء إلا أن البعض يجتهد في تطوير كل شيء إلا عقله وسلوكه الذي ينعكس على نفسه وغيره. الهدف الوقتي الذي تدفع به نفسك لتتعلم دون تعلّم (تُهذب) نفسك ليس بعلم. أما البحث الذي لا تستدلُ به على هدفٍ كنت لأجله قد أعلنت الحرب على فطرتك ليس ببحث.


ليس هناك باحث يتسأل على الملأ ولا طالب للعلمٍ يُحب أن ينافسه آخر عن إجابة يبحث عنها فيسبقهُ عليها، وآخيراً ليس هناك إنسان يهمه إن كان عقلك معطلٌ أو يعمل مادمت أنت غير مكترث بذلك



4 comments:

  1. سلام عليكم..
    للاسف ، صارت المعلومة تؤخذ بسهولة عبر النت لكن قل من يدقق في صحتها ، وصارت مواقع التواصل الاجتماعي مرجع لكل خبر ومعلومة ، لمجرد سهولة نيالها، إلا ان اغلبها غير صحيح فضلاً ان يكون دقيق .
    ما طلب العلم فريضة وما بقاء العلماء احياء ما بقي الدهر وما كان مداد العلماء افضل عند الله من دماء الشهداء ، إلا لانهم ندرو انفسهم واعمار لاجل العلم .
    اليوم نفخر بسهولة توفر المعلومة إلا ان ذلك لا يشفع ، لطالب العلم ان يتقاعس عن طلب الحقيقة من مظانها واهلها الحقيقيون.
    مقالة تضع النقاط على الحروف ارى بأن إعتكافكم جاء بها.
    حتى يأذن الله بقراءة اخرى كونوا بخير علم وعمل

    ReplyDelete
    Replies
    1. صباح الخير أخي علي .. يمكن كلمة الشكر صارت أقل قمية لتداولها وتكرارها .. لكن متابعتكم الدائمة وتشجيعكم له أثر كبير ممتنه

      Delete
  2. شكرا لط.
    ارى ان من جوانب التسطيح التي يتعرض لها عقل شبالب القرن الواحد والعشرين، الفايسبوك.
    ففيه يتم تداول مئات المقولات والمقتطفات المهمة. التسطيح يأتي من كون أن العقل يعتاد على ما يُقدم له في هذا الموقع ويتوقع ان كل الكتب ستكون بقوة تلك المقالات، فلما يبدا في القراءة يجد ان تلك المقولات نادرة جدا وليست تشغل الا خيزا صغيرا من الكتاب.. هذا طبعا ان قرأ، لان مقولات بتلك القوة تعطينا وهم امتلاك المعرفة...
    هذه رؤوس أقلام لافكارب حول الفايسبوك، قد أتعرض لها فب مقال مفصل اذا تيسر

    ReplyDelete
    Replies
    1. صحيح بلال ، هذا بالنسبة للإقتباس سواء بالفيسبوك أو غيره من مواقع التواصل الإجتماعي لكن الموضوع يتطور أصبحت أن الناس تبحث وتتفكر بطريقة تتشكل بقالب العصر يعني الهدف ليس كسب المعرفة بل جذب الآخرين بشخصية متثيقف وهمي صار الأمر جد مزعج !

      Delete

صراع أزلي [1]

نزعة الإنسان المادي للوصول إلى [هدفه] تجعله أداة في يد كل ما هو خارق للطبيعة البشرية. فما هو معروف عنه أنه كائن خيّر ب...