Monday 6 November 2017

صراع أزلي [1]








نزعة الإنسان المادي للوصول إلى [هدفه] تجعله أداة في يد كل ما هو خارق للطبيعة البشرية. فما هو معروف عنه أنه كائن خيّر بطبعه وفطرته ثم ينشأ تحت عوامل وظروف تكون مؤثرة في جزء من النتيجة النهاية التي قد يصل لها إذما أهمل تهذيب نفسه وفطرته وحصن قابلياته التي هي شرارة تنقله من شيء مفطور عليه [الخير] وعقل ينظم إلى نموذج مشوه [الشر] لا يتناغم مع المنظومة الكونية. يسير كل شيء في هذه المنظومة ضمن قوانين معينة وثابته قابلة للاختلال حين ينحرف أحد أركانها عن المسار المتوقع. فهو جزء من هذه المنظومة [مُأثر] و [متأثر] وفي كلتا الحالتين إن لم يتوافق المسير مع قوانين هذا المنظومة فاختلال التوازن هو نتيجة حتمية ، خاصة أنه لا يعيش بمعزل عن باقي المكونات بل أنه يرتبط بها ارتباطاً وثيقاً. لذلك فشرط التوازن هو استقامة السلوك للوصول إلى الكمال الأخلاقي.

 يعيش الإنسان صراع داخلي ومستمر طوال فترة حياته فالصراع ما بين عقله ونفسه للوقوف على الحق ، كان ولازال أحد أعقد وأكثر الإختبارات التي تكشف عن جوهره الحقيقي. من منطلق أن الصراع اللحظي في داخله هو نقطة فاصلة تتغير معها حياته بأكملها. علما بأن اللحظة التي تُشكل هذا الإنتقال بين حالة وأخرى هي سلسلة من المواقف والأحداث التي لم يتعامل فيها العقل بطريقة صحيحة وصارمة مع معطيات الحدث ، فاتبع هواه أو آثر الصمت ليسجل بذلك موقفا يعد [موافقة] ضمنية. إن التغير اللحظي لم ينشأ عن فراغ بل جاء مترتباً على كبح مستمر لصوت العقل واتباع لصوت الباطل بمسوغ من [النفس] ورغباتها. على الرغم من بساطته لكن هذا التغير الظاهري خلال فترة من الزمن سيكون جالبا للسعادات أو التعاسات الأبدية. ففي تعبير جدتي البسيط [إن النفس إن تُركت وهواها دون ضابط ستضل] ، الإدراك الأعمق للمقوله يتمثل في صفحة بيضاء وكل نقطة سوداء في فضاء هذا البياض عند كثير من الناس لا يشكل خلافاً حتى يتسع قطرها الأسود فتكون أكثر وضوحاً للعين بينما في الحقيقة إن الخلل ينشأ من النقطة السوداء التي لا تكاد تُرى بل أن لم توجد الوسيلة الأمثل لإزالتها لظل الإنسان يجد لنفسه مسوغا لارتكاب فظائع أشنع وكلها تحت عنوان أن الخطأ الواحد والبسيط لن يؤثر مادام البياض يشكل المساحة الأكبر. أما بالنسبة للمواقف الصامته ، ولا نشير هنا إلى الإنسان كقوة خارقة قادرة على تغير الكون أو اصلاحه أو أن يجعل نفسه وقودا نتيجة لمواقفه إنما الصمت الذي يؤدي إلى امتهان كرامته وكرامة من يتعرض للظلم  [ أحد أوجه الشر] أو مَن يُحدث خلل في المنظومة التي تعد سقافاً للجميع فهو مرفوض يجب أن يُخرج عنه. ولا يمكن اهمال الإنسان كحالة مفردة يستطيع على الأقل أن يحدث التغير على نفسه فيصير مؤثراً على غيره ولو بأقل القليل.
وبالعودة إلى [الهدف] فإن الإنسان قد يصنع المستحيل ويكون وحشاً كاسراً في طلب الوصول إلى هدفه ، غير مبالٍ بأي قيمة دينية أو إنسانية أو حتى اجتماعية على أقل تقدير. غير أن هذه [ الفئة من الناس] قادرةً على توظف كل مقولة وكل نص ديني ومثال ليبرر فعله ويُخرج نفسه من وحل [ شره ] ولا يدرك أن ما يجري على لسانه حجة عليه لا دليلا إلى صفه وإن ما ينطق به لسانه ما هو إلا دليل إدانته. فعن أمير المؤمنين عليه السلام " تَكَلَّمُوا تُعرَفُوا فإنّ المَرءَ مَخبُوءٌ تَحتَ لِسانِهِ  [1]"  فالإنسان وإن حاول الإختباء والتواري خلف الكلام المرصوف والحديث الحسن لابد له أن يخرج عنه مهما احترز لأن لسانه بوابة روحه ونفسه فمهما حاول السيطرة عليه لابد أن يقع بفخه. وكذلك يقول الرسول الأعظم صل الله عليه وآله " لا يَسْتَقِيمُ إِيمانُ عَبد حَتّىْ يَسْتَقِيمَ قَلْبُهَ ولا يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ حَتّى يَستَقِيمَ لِسانْهُ [2] " ، لذا فمن يفتقر إلى الأخلاق والسلوك السوي من عمت بصيرته وضل عقله سيخرج عن لسانه ما تطابق مع حقيقه مهما حاول ان يستتر خلفه.






[1] نهج البلاغة، الكلمة 392، من قصار كلماته عليه السلام.
[2] بحار الأنوار، ج68، ص287، المحجّة البيضاء، ج5، ص139
http://almaaref.org

Monday 21 April 2014

زرتُها في روحي







بسم الله الرحمن الرحيم 
اللهم صلِّ على محمدِ وآل محمد 


شِدّة الأشواقِ أكتمُها
 لكن علائِمهِا في بدني تظهرُ


فكلما زرتُها في روحي 
عاتب الجسد بقِلّة ما أحضرُ


وودّت لو أني أشمّ من عِطرها
وودّت لو بحضرتها أطوف وأعبرُ


أو يُعاد ما انطوى من الأيام
لكنت وحق محمد ، من تزاوِّدها أكثِرُ


وأشمّ تُرابِها حتى تكتفي
النفس أو لبارئها ترجعُ


فما يُبقي النفس في أرض
محروم أن يُزار فيها نسل محمدُ 


Monday 5 August 2013

روحٌ تفيضُ عن جسد





يندبون الموتىٰ وباقيةٌ أرواحهم
في كل  بُقعةٍ  حيةٍ  لهم  مشهدْ


حُسينٌ علىٰ صدرهِ بِكربلا رضيعهُ
وزينبُ  في الشامِ  مَشهدُها مُهددْ


يندبون الموتىٰ وفي صدرِ كل امرِئ
لحدٌ لعباس يُطافُ بهِ وتعلوا صلوات وتشهدْ


وألف دمعةٍ ضائعةٍ لليلىٰ حسرة
علىٰ الشبيهِ خَلقاً وخُلقاً بمحمدْ


يندبون الموتى ومحرابُ عليٍّ بدمائهِ
غارقٌ للهِ في أفضل المواضعِ يسجُدْ


ونور الزهراء أرادوا تُطفــأُ أنوارهُ
واللهِ لا يُطفَأُ إلى القيامة العسـجَدْ


يندبون الموتىٰ وسِبط الرسول مُسممٌ
مقطعٌ الكبدِ يتأوْىٰ في سبيل الله ممددْ


وربابٌ قد أتىٰ صدرُها لبناً ووليدُها
مِن النحرِ أتاهُ السهمُ غدراً و تعمُدْ


يندبون الموتى ولن أحصي حيّهم
فآلُ بيت المصطفى رزاياهم أنى تُعدْ





ليلى : أم علي بن الحين الأكبر
رباب : أم عبدالله بن الحسين الرضيع 
العسجد : الذهب 

Monday 29 July 2013

جماهيريةٌ بغرضِ كذبة بحثية










الثورة الإنترنتيّة ووسائل التواصل الإجتماعي خَلقت نوع من أنواع المعرفة السطحية ، والتي بالضرورة لا تخدم صاحبها أو تشبع جانب الشك والبحث لديه ، سواءً للتعلم من أجل العلم أو لكسب المعرفة لدحض الشكوك. صار الدأب على القراءة أو الأقتباس وحتى النقل للتقيؤ المعلوماتي فقط. ولنقُل أن الهدف في الفترة الأخيرة هو كسب أذهان المتتبعين وجذب أكبر قاعدة بشرية جماهيرية مستعدة لتلقي أي معلومة أو نص من غير التأكد من صحتها لكونها مذيلة بأسم صاحبها أو حاجتها فعلا لمثل هذا النوع المعلوماتي في حياتها.


الإنسان قديما حينما تثار غرائز الفضول لدية كان يبحث ، يجرب ، يطرح التساؤلات وينقب عن إجابة بشتى الطرق المتاحة. العلم أكبر من مجرد بحث ، سؤال أو جواب وأعمق من كون الإنسان يملك عقلاً لا يهدأ حتى يصل إلى ما يقنعه. العلم هبة إلهية يستطيع من خللها أن يستخلص ما يعجز العقل أحيانا عن الإجابة عنه أو تفسيره. فقد تجد الكثيرين ممن يضيع جهده دون أن يصل إلى هدفه. والغالبية العظمى تصنع من وسائل التواصل الإجتماعي ساحة بحثية لكل الشكوك التي لا تستطيع الإجابة عنها في الواقع، متناسية أن العلم نوع من الرهبنة والإعتكاف و البحث الدءوب دون كللٍ أو ملل لإجل أرضاء الذات أولا واستزادة العقل بوجه عام.


السؤال و الجواب صار وسيلة استعراضية دون نتائج ملموسة دون أرضية ثابتة ، وكأنما مثلاً مهنة الطب لا تحتاج  لممارستها إلى رخصة طبية ! أصبح طالب العلم  ( إن صح تسميته بذلك ) ممثلٌ لعالمٍ وهمي "الإنترنت" يستعرضُ مواهبهُ البحثية والعلمية من أجلِ وسيلةٍ وقتية لا أكثر. وصار اللغو في كل مجال من مجالات الحياة عرضة للقاصي والداني لطرحهِ وتداوله وابداء الرأي فيه دون خلفية كافيه عنه.


ولا يخلو الأمر أيضاً عن ثلة تبحث لتُقصي الآخر وتضعهُ في زاوية الخطأ ، غير مدركة أن الاختلاف إنما وجد لتناغم الكون وتمازجه. متناسية أن الأخبار والحواث والتاريخ والعلوم إنما تنقل وبها شيء من القصور في النقل عبر العصور. رغم تطور كل شيء إلا أن البعض يجتهد في تطوير كل شيء إلا عقله وسلوكه الذي ينعكس على نفسه وغيره. الهدف الوقتي الذي تدفع به نفسك لتتعلم دون تعلّم (تُهذب) نفسك ليس بعلم. أما البحث الذي لا تستدلُ به على هدفٍ كنت لأجله قد أعلنت الحرب على فطرتك ليس ببحث.


ليس هناك باحث يتسأل على الملأ ولا طالب للعلمٍ يُحب أن ينافسه آخر عن إجابة يبحث عنها فيسبقهُ عليها، وآخيراً ليس هناك إنسان يهمه إن كان عقلك معطلٌ أو يعمل مادمت أنت غير مكترث بذلك



Sunday 28 April 2013

حَرْب










.. ‏قلقةٌ علىٰ الأصدقاء
.. علــىٰ الموتـىٰ
.. علىٰ الشهداء
علىٰ من أخذَتهُ الحربُ ، و 
.. مزقت فيهِ أجمل الأشياء



.. مُعلمٌ لي من بلدٍ مَغزو
، والذي يغـــــــزوهُ
.. يشاركهُ الإنتماء



.. حزينةٌ وحزني متفرقٌ
.. علىٰ امرأةٍ
.. علىٰ طفلٍ
.. علىٰ حكايا جدةٍ
.. مسبيةُ الأجزاء



.. مقهورةٌ وقَهري نبعٌ
، َعلىٰ الضباعٍ حين
.. يصنعُ فاجرهم حجةً
.. إذا ينكحُ النساء



، وذاك الذي يدعو
.. حي على الجهادِ
.. جهادُهم بئس الجهادُ
.. أذَاً وقتلٌ للأبرياء



وآسفةٌ وأسفي ينخرُ
.. إذا أذكرُ الياسمين
، فتنجلي صورُ زينب 
.. وحيدةٌ ووحدتها مناجاةٌ للسماء 





Photo copy rights reserved for the owner http://myexposition.files.wordpress.com

Thursday 18 April 2013

مكينةُ خياطة تعلنُ الحِداد




‏لماذا حين يموت البسطاء
لا ينعـاهم أحد ولا تُحمل
الورودُ إلىٰ قبورهم ؟



لمــاذا نَنْساهـم سريعــاً
وتختفي ملامحهم كُلما
حاولنا أن نتذكرها ؟



لمــــاذا لا نشعرُ بغيابهـم
أن تـــوازنَ الأرضِ قــــد
اختلْ ،وأن الغيم بدونهم
لا يمطر ؟



لماذا تُحفر فــي الرأس
ابتساماتهم ، وتــــــرن
أصواتهـــم كالمسمــــارِ
حين يتقيؤه الحائط ؟



لماذا صوت مكينــــــةِ
الخياطة ، وابتسامتـك
وجلستكِ التي توحـي
باقتــــراب الأجل لَــمْ
تُنبئنــي برحيــلك 
لماذا ؟

Sunday 31 March 2013

وصلٌ يُتلا منِ السماء





شكوتُ   إلىٰ   الله   قلـــةَ   وصلهِ
وعجز   حيلتي   عن   خلقِ   لقـاء


تَعِبتْ  صدفُ   الحياةِ   تجمعُنـــا
ما  اجتمعنــا  لكن  يبقىٰ   الرجاء


يبقىٰ  الأملُ  بــاب  فـرجٍ   أطرقهُ
كُلمـــا  اهتز  صدىٰ  صوت  النداء


كُلمــا  هبـــط   في  حُلمي   وحياً
سلاماً وتلاوة تُقرأ من قلب  السماء


خيالاً متجسداً في اليـــــالــي ألمَحهُ
وإذا شعسع النهارُ سراباً مِن ضياء


بدورُ    الأكــوان    كلها    تحرسـهُ
سبحان من أبدعهُ كلهُ حسن وبهــاء


من  جمالِ يوسفَ انتقىٰ  سُدسـهُ
واكتفىٰ   بالخُلقِ  كمــالاً   واكتفاء


قد  صار  في  الأنام  نادرٌ   مثلهُ
إذا ألفىٰ سحابةً تمطرُ برداً مِن نقاء

صراع أزلي [1]

نزعة الإنسان المادي للوصول إلى [هدفه] تجعله أداة في يد كل ما هو خارق للطبيعة البشرية. فما هو معروف عنه أنه كائن خيّر ب...